اوراق موقف

قانون مكافحة الإرهاب وعوار “عدم الدستورية”…المنظمة المصرية لحقوق الإنسان..تأسست عام 1985

19 غسطس 2015 بواسطة المحرر

 

تتعرض مصر لمخاطر جسيمة جراء العمليات الإرهابية، مما يحتم على أبناء الوطن إدراك خطورة المرحلة، والمشاركة بإيجابية في بناء الوطن والمحافظة عليه ،حيث يتم ملاحقة شبكات ارهابية ،تعمل على التحريض والتمويل والامداد لتنفيذ عمليات ارهابية داخل مصر ،حتى أصبحت المنظمات الإرهابية عابرة للقومية، بل ومدعومة من أجهز مخابرات ودول، الأمر الذى يتطلب تطوير قانون العقوبات، وادخال كل عناصر الجريمة الإرهابية ،فى مجال التجريم حتى يمكن محاصرة هذه الظاهرة، التى تهدد حقوق الإنسان بكل مستوياته، إلا أن التشريع ينبغى أن يكون منضبطاًوفقاً للدستور، ووفقاً للمواثيق الدولية بشأن معياري شرعية الجرائم ،والعقوبات والشرعية الإجرائية وبما يضمن ألا يدان برئ بموجب هذا القانون، وقد عكفت المنظمة على دراسة قانون مكافحة الإرهاب الجديد، فى ضوء المادة “237″ من الدستور التى تلزم الدولة بمكافحة الإرهاب ،مع ضمان الحقوق والحريات.وانتهت المنظمة إلى أن هناك بعض المواد التى يشوبها عوار دستورى وهى:

نصت المادة (6) من القانون على “يعاقب على التحريض على ارتكاب أية جريمة إرهابية بذات العقوبة المقررة للجريمة التامة وذلك سواء كان هذا التحريض موجها لشخص محدد أو جماعة معينة أو كان تحريضا عاما علنيا أو غير علني وأيا كانت الوسيلة المستخدمة فيه ولو لم يترتب على هذا التحريض أثر.

كما يعاقب بذات العقوبة المقررة للجريمة التامة كل من اتفق أو ساعد بأية صورة على ارتكاب الجرائم المشار إليها بالفقرة الأولى من هذه المادة ولو لم تقع الجريمة بناء على ذلك الاتفاق أو تلك المساعدة.”

فالفقرة الثانية من المادة السادسة :تضمنت مطعناً دستورياً حيث لايجوز بأى حال من الأحوال معاقبة متهم على جريمة لم تقع وقد سبق للمحكمة الدستورية العليا أن قضت بعدم دستورية مواد مشابهة لهذه المادة.

وتنص المادة 35 من القانون : على أن «يعاقب بغرامة لا تقل عن 200 ألف جنيه ولا تجاوز 500 ألف جنيه كل من تعمد بأي وسيلة كانت نشر أو إذاعة أو عرض أو ترويج أخبار أو بيانات غير حقيقية عن أعمال إرهابية وقعت داخل البلاد أو العمليات المرتبطة بمكافحتها بما يخالف البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة الدفاع، وفي الأحوال التي ترتكب فيها الجريمة بواسطة شخص اعتباري يعاقب المسؤول عن الإدارة الفعلية لهذا الشخص بذات العقوبة المقررة في الفقرة الأولى، وفي جميع الأحوال للمحكمة أن تقضي بمنع المحكوم عليه من مزاولة المهنة لمدة لا تزيد على سنة إذا وقعت الجريمة إخلالا بأصول مهنته». وترى المنظمة أن منح المحكمة حق وقف الصحفى عن العمل هو تعد صارخ على قانون نقابة الصحفيين وهو قانون خاص يجب أي قانون آخر كما أنه لايجوزتجريم نشر المعلومات الخاطئة طالما أن الدولة لم تبادر بإصدار قانون ينظم حرية تداول المعلومات. كما إن الغرامة المالية كبيرة جدا وسيعجز الكثير منهم عن سدادها وهو ما قد يفضي في النهاية إلى حبسهم. وتنص المادة 29 من القانون الجديد :على عقوبة السجن المشدد لمدة لا تقل عن خمس سنوات لكل من أنشأ أو استخدم موقعا إلكترونيا «بغرض الترويج للأفكار أو المعتقدات الداعية إلى ارتكاب أعمال إرهابية». وجاءت هذه المادة فضفاضة وقد تستخدم ضد أي شخص ينتقد الحكومة في الفضاء الإلكتروني فالمادة بهاخطورة بالغة على حرية الرأى والتعبير، لأنها جاءت بعبارات عامة وفضفاضة وغير منضبطة، ويمكن إساءة استخدامها ضد أصحاب الرأى والمقالات دون ارتكابهم أعمالا إرهابية بصورة مباشرة، ويدخل فى إطار محاكمات الرأى، وكان يتعين ضبط الصياغة منعا للتعسف حيال الرأى المعارض.

وتضمنت المادة 37 : قيودا غير مباشرة يمكن ان تشمل الصحفيين أيضا حال ادانتهم ومن ذلك  حظر الإقامة في مكان معين أو في منطقة محددة، والإلزام بالإقامة في مكان معين، وحظر الاقتراب أو التردد على أماكن أو محال معينة ، والإلزام بالوجود في أماكن معينة في أوقات معينة ، وحظر العمل في أماكن معينة أو مجال أنشطة محددة ، وحظر استخدام وسائل اتصال معينة أو المنع من حيازتها أو إحرازها. ومما يعنى أن المادة 37 من القانون تخالف مبدأ العلانية فى المحاكمات.

وبالنظر فى الباب الثاني: الأحكام الإجرائية نجد أنه وردت عبارات مطاطة فنجد كلمة” سلطة التحقيق “الواردة فى المواد عبارة مبهمة أتت بعد النيابة العامة ومن المقرر قانوناً أن سلطة التحقيق مخولة للنيابة العامة ولقاضى التحقيق فقط ولذلك كان من المتعين استبدال عبارة سلطة التحقيق بقاضى التحقيق طالما وردت مع النيابة العامة لتكون الإختصاصات مخولة حصراً للنيابة العامة وقاضى التحقيق .

وتجيز المادة 53 من القانون «لرئيس الجمهورية متى قام خطر من أخطار الجرائم الإرهابية أو ترتبت عليه كوارث بيئية، أن يصدر قرارا باتخاذ التدابير المناسبة للمحافظة على الأمن والنظام العام، بما في ذلك إخلاء بعض المناطق أو عزلها أو حظر التجول فيها، على أن يتضمن القرار تحديد المنطقة المطبق عليها لمدة لا تجاوز 6 أشهر».

وهذه المادة غير دستورية لأنها خالفت نص المادة”154″ من الدستور التى تمدد حالات فرض الطوارئ والتدابير التى يجوز اتخاذها وفقاً لقانون الطوارئ.

وبقراءة المادة (54)التى تنص على “- تلتزم الدولة بإبرام وثيقة تأمين إجباري شامل مع شركات التأمين لتغطية جميع الأخطار الناجمة عن الجرائم الإرهابية التي تصيب أي فرد من أفراد القوات المسلحة أو قوات الشرطة المكلفة بمكافحة الإرهاب حال تصديها لتلك الجرائم بما في ذلك حالات الوفاة أو العجز الكامل أو الجزئي على أن تتضمن الوثيقة التزام الشركة بسداد تعويضات مؤقتة للمضرورين فور وقوع الخطر خصما من مبلغ التأمين.

– وفي جميع الأحوال تلتزم شركة التأمين بسداد مبلغ التأمين وفقا للوثيقة وذلك دون الإخلال بحق المضرور أو ورثته أو شركة التأمين في اللجوء للقضاء.

ويتم التأمين لدى شركة أو أكثر من شركات التأمين المسجلة لدى الهيئة العامة للرقابة المالية والمرخص لها بمزاولة تلك الأنشطة التأمينية طبقا لقانون الإشراف والرقابة على التأمين في مصر.

ولرئيس مجلس الوزراء تخصيص جزء من الأموال أو المتحصلات المحكوم بمصادرتها في الجرائم الإرهابية لسداد التزامات الدولة في وثيقة التأمين الإجباري المنصوص عليه في الفقرة الأولى من هذه المادة.

نجد أن هذه المادة تحوى تمييزاً بين المواطنين وفى ذلك مخالفة للمادة “53″ من الدستور ,,والتى تنص على أن “المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعى، أو الانتماء السياسى أو الجغرافى، أو لأى سبب آخر. “

لقد ميز القانون بين ضحايا الإرهاب حيث تمتد وثيقة التأمين للجنود والضباط بينما لايحصل ضحايا الإرهاب من المدنيين على تعويض مماثل .

والمنظمة إذ تعترض على مااحتواه القانون من عبارات فضفاضة والتى تحتاج إلى ضبط الصياغة بعبارات ،والفاظ محددة اتباعاً لأحكام المحكمة الدستورية التى تطلبت دقة الألفاظ المستخدمة فى قانون العقوبات اضافة إلى  وجود شبهة بعدم دستورية النص المتعلق ب”الإتفاق الجنائى ” والذى قضى بعدم دستوريته فى ثمانينات القرن الماضى “المادة 48 من قانون العقوبات”

وتطالب المنظمة بإعادة النظر قانون مكافحة الإرهاب وفقاً لمبدأ العدالة الناجزة واعلاءً لقيم ومبادئ حقوق الإنسان.

***

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى